Tuesday 27 December 2011

القيادة بمنهج الكوتشنج "لمحة"




القيادة بمنهج الكوتشنج "لمحة"

أسلوب قيادي عصري لموظفي الجيل الجديد


مع نهايات التسعينات ظهرت مجموعة من الدراسات منها الدراسة التي قامت بها مجموعة والتيGullap توضح أن الطريقة التقليدية في إدارة الأفراد بالتوجيه المباشر والتحكم لا تؤدي دائماً إلى نتائج مرغوب فيها وبعيدة المدى، حيث قضت المؤسسات المهتمة الكثير من السنوات في تطبيق ودراسة نماذج لإدارة الأفراد في المؤسسات رغبةً منها في إدارة وتوجيه أفرادها لتحقيق الارباح والتفوق على المنافسين، لذا قاموا باستشارة المستشارين، وتنفيذ دورات تدريبية مقننة ومع ذلك لاحظوا أن الكثير من الموظفين مازالوا غير سعداء ولم يصلوا إلى المرحلة التي من الممكن أن يستخدموا فيها طاقاتهم الكامنة، وذلك يتضح في دراسة حديثة تقول أن ما يقارب 70 في المئة من الموظفين البريطانيين غير سعداء.

في المقابل، استدركت مؤخراً مجموعة من المؤسسات والجمعيات والباحثين في مجال الأعمال، أن الاعتقاد السائد بإمكانية ممارسة الإدارة بالتحكم في الناس "الموظفين" والذي هو إرث العصر الصناعي وعالم نيوتن الميكانيكي أصبح غير فعّال في القرن الواحد والعشرين التفاعلي والديناميكي. بل على العكس أدى هذا الاعتقاد إلى خسائر مالية فادحة. بيتر داركر أحد مفكري الادارة اشارة إلى أن معظم ما يسمى بـ "الإدارة" جعل من دور الموظفين في أداء واجبهم الوظيفي مهمة صعبة.

لذا توجهت الكثير من المؤسسات المعتبرة من مفهوم إدارة الناس إلى قيادتهم ومن ثم إلى فكرة قيادتهم باستخدام منهج الكوتشنج تحديداً، حيث أن الكوتشنج كمنهج قيادي لا يرتكز على التحكم، الإخبار المباشر أو الهيمنة الإدارية بل يركز على المشاركة، التحاور، الاستماع النشط، طرح الأسئلة الفعالة وغيرها من النماذج والطرق التي تستثير تفكير الموظف بطريقة إيجابية وتشجعه على البحث من "خلاله" على المزيد من الحلول والطرق المطلوبة للتعامل مع المواقف المختلفة داخل المؤسسة و تحقيق الهدف المطلوب.

بالإضافة إلى ذلك، منهج الكوتشنج في القيادة يعطي مساحة للموظف ليفكر بطريقة انعكاسية وبصوت عالٍ في حوار ييسره القائد الكوتش، لرفع وعي الموظف والمسؤولية الذاتية مع امكانية الاستفادة من طاقاته وخبراته العملية والشخصية لرفع أدائه- وخصوصاً الموظفين أصحاب الكفاءات العالية.

بدأت مجموعة من الشركات بتبني منهج الكوتشنج على ست مستويات داخل المؤسسات إيماناً منهـا- أن موظف القرن الحادي والعشرين لا يحتاج إلى مدير ليديره أو ليقوم بمقام الوصي أو المهندس السلوكي الذي يغير سلوكه। بل على عكس ذلك يريد قائد يشجعه على أن يعمل في وظيفه تعكس قيمه ورسالته في الحياة وتحقق له المعنى الذي يريده على المدى البعيد.

بعد دراسات قامت بها الباحثة كارول (2006) وفي كتابها المشهور "علم نفس النجاح" توضح أن المكتبات أصيبت بالتخمة من الكتب التي تعنون مثلاً بـ (اسرار المدراء ال10) ، ( 8 خطوات للإدارة الناجحة)، (الصفات الـ7 للقادة الفعالين) - هذه النوعية من العناوين تضع أطر ضيقة للنجاح الإداري والأداء القيادي وتحصره في محددات خطية تتناسب مع عالم الآلات ومليئة بعبارات مجردة مثل "كن شجاعاً" "حدد هدفك" إلخ، ولا تأخذ في اعتبارها تركيبة الانسان المعقدة في الداخل والخارج، في الزمان والمكان، في الماضي والحاضر والمستقبل، ويقول الدكتور مايكل (2005) في كتابه "القيادة من خلال الأسئلة" أنه استدرك مؤخراً أن حل مشاكل الناس عمل منهك ولكن الأسلوب الأكثر فعالية هو تزويدهم بفرص تمكنهم من حل مشاكلهم بأنفسهم ويضيف مايكل أنه للأسف في الماضي كنا نعتقد أنه يجب علينا أن نملك الأجوبة، لكن الآن بدأنا نستوعب أنه يجب علينا أن نحترف طرح الأسئلة التي من خلالها نحرر طاقات الآخرين نحو البحث الذاتي عن ما يريدون.

ختاماً، كل موظف هو إنسان فريد من نوعه وقادر على قيادة ذاته وأدائه متى ما أعطي المساحة المناسبة والامنة في التفكير، التعبير، الانخراط في أعمال ترتقي به في سلم التعلم الوظيفي وحينها سيلاحظ أرباب العمل كيف أن هناك الكثير من الموارد والأفكار والمهارات التي لم تستثمر الاستثمار الامثل بواسطة الاسلوب القيادي الكلاسيكي القديم الذي يعتمد على منهج الاخبار وإعطاء النصائح والحلول الهرمية بدأت في الظهور- وقديما قيل انت تستطيع أن تقود الفرس نحو الماء ولكن لا تستطيع أن تجبره على الشرب- وكذلك انت تستطيع أن تجعل الموظف أن يعمل ولكن لا تستطيع أن تجبره أن يعطيك افضل ماعنده-

هاني باحويرث

No comments:

Post a Comment